إذا متُّ

المقاله تحت باب  نصوص شعرية
في 
02/04/2015 06:00 AM
GMT



إذا متُّ سأموتُ وحيداً، ووحيداً مع السكاكين؛ تنهشُ لحمي، وتقطعُ عظميَ النيِّئ، إذا متُّ هذه المرةَ لن تكون أولّ مرّةٍ، ولكنها ستكون الأخيرة، ولن يمكن لمن يريد أن يخذلني، أن يخذلني أكثر، ولن يمكنني بعدها أن أفُوْهَ بكلمة عن حبِّكِ، وعن كرهِهم.

 وإن كنتِ تُطلينَ على موتي من الشرفةِ، لن تَذكري بعدَها بعضَ الوسامةِ التي حملها وجهي يوماً، وستكونُ الطعنةُ وهي تُخرِجُ القيءَ من عيني، صورتي الوحيدةَ في عينِكِ.

إذا متُّ، فإن الوداع الأخيرَ لكِ لن يتحققَ، والحياةَ التي كانت تقتلُنِي وتفشل، ستنجح أخيراً، يا حبيبتي، يا دنياي، لكنَّ كيدَها في القتلِ، وغضبَها المميتَ لن يفلح معي، لكماتُها لن تجديَ بعدُ في رضِّ عظامي، ولن تُشبعَ حقدَها مني، سأكونُ قتلتها غيظاً بموتي، فلا تحزني، وإنْ كنتُ لم أشبعْ منكِ، ومن الفرح، فلأنها، وهذا ما تريدُه، لن تمنحنا ذلكَ.

إذا متُّ لن أغمضَ عيني، من ألم الطعناتِ، ولن أنظر في وجوههم، ستكون عيني معلقةً بالشرفة وهي تَقِيءُ وداعيَ المبتور، وستكونُ الشرفةُ وأنتِ تخفينَ ثيابَ نومِك، تحت الغسيل، صورة العالمِ الذي يغادرني.

إذا متُّ لن أخافَ بعدَذا، ولن يكون موتٌ ولا حياة.

سأكون وحيداً إن متُّ، وربما سأعرفُ حينها، وربما لن أعرف أبداً، وربما لا أبد لنعرف، ولا ألم ولا حزن، ولا فرح!

إذا متُّ لن أعرف ما يقولون عني، وما يكتبون، ولن أعرف كم دمعة ذرفتِ، وآهةَ حزنٍ، وآهةَ رغبةٍ مكتومةٍ تأوَّهتِ، لن أعرفَ ذلك، وعلى الأكثرِ لن يهمَني، إن كان ما يهمُّني، لن أعرف هذا أيضاً، ولا أعرفه.

أعرفُ أنني إذا متُّ سأموتُ وحيداً، كما عشتُ، وأنني أحببتكِ، وأنني أريد لهذه الحياة البغيضةِ أن تغادرني مع حبي، وأريد للموت ألَّا يتسع إلا لحُبِّي.

إذا متُّ سأموتُ وحيداً.

إذا متُّ سأموتُ أحبُّك.